تقرير الحالة الطائفية والعنصرية في الجمهورية التركية لشهر شباط فبراير 2024

تقرير الحالة الطائفية والعنصرية في الجمهورية التركية

لشهر شباط فبراير 2024

 

سياسة الرصد:

يهدف هذا التقرير الشهري إلى تتبع الحالة الطائفية في الجمهورية التركية باتجاهاتها الإيجابية والسلبية وبمختلف مستوياتها. يطلق مرصد الطائفية والعنصرية على الاتجاه السلبي للحالة الطائفية مصطلح “التعصب الطائفي” ويقصد به أي تمييز غير محق ضد جماعة بشرية على أساس الدين أو المذهب أو العرق أو الثقافة أو الجغرافيا ليتجاوز بذلك مجرد التعبير عن الاعتزاز بالانتماء، ويتحول إلى مواقف أو سلوكيات عدائية وتهميشية تجاه الجماعات الأخرى، يتم التعبير عنها بخطاب الكراهية والاستعلاء أو شيطنة الآخر والتحريض ضده أو المساس بأي حق من حقوقه الممنوحة له بموجب القوانين الدولية والمحلية. في المقابل يعرِّف مرصد الطائفية والعنصرية الاتجاهات الإيجابية للحالة الطائفية بأنها أية مبادرة فردية أو جماعية أو حكومية يمكن أن تساهم في الحد من التعصب الطائفي.

يعتمد هذا التقرير سياسة الرصد الإعلامي التي تقوم على تتبع وجمع وتوثيق وتحليل المحتوى ذي الصلة بالحالة الطائفية المنشور على وسائل التواصل والإعلام بكافة أنواعها، ويعتمد من أجل ذلك بشكل رئيس على المصادر الآتية:

  • 1- الحسابات والمواقع الإلكترونية لوكالات الأنباء والصحف والمجلات.
  • 2- الحسابات والمواقع الإلكترونية الرسمية الحكومية.
  • 3- الحسابات والمواقع الإلكترونية لمراكز الأبحاث والدراسات.
  • 4- حسابات أهم السياسيين والصحفيين والمحللين في منصات التواصل.
  • 5- حسابات أهم الناشطين والمؤثرين بالحالة الطائفية إيجاباً أو سلباً في منصات التواصل.
  • 6- أية مصادر أخرى يمكن الوصول لها عبر الشبكة العنكبوتية.

وأما طبيعة الأحداث التي تدخل ضمن نطاق الرصد فيمكن اختصارها بالمستويات الآتية:

  • 1- مستوى القوانين: يشمل كل ما يصدر عن الدولة من قواعد عامة تنظيمية بشكل قوانين وتشريعات.
  • 2- مستوى السياسات: يشمل كل ما يصدر عن الحكومة ومؤسساتها من توجهات تصاغ بشكل قرارات أو سلوكيات دون أن تتحول إلى تشريعات.
  • 3- مستوى الخطاب السياسي: يشمل كل ما يصدر عن الشخصيات السياسية الحكومية وغير الحكومية من تصريحات ومواقف.
  • 4- مستوى الخطاب الإعلامي: يشمل كل ما يصدر عن وكالات الأنباء والصحفيين والناشطين والمؤثرين في منصات التواصل.
  • 5- مستوى الممارسات: يشمل أي سلوكيات فردية أو جماعية أو حكومية تجاه الفئات المميز ضدها.
  • 6- مستوى الكتابات: تندرج فيه الدراسات والأبحاث والمقالات والروايات وغير ذلك من المؤلفات المكتوبة.
  • 7- مستوى الإنتاج فني: يدخل فيه الأعمال الإبداعية من رسم وشعر وإنتاج مسرحي وسينمائي ودراما ونحوه.

 

المقدمة

يعتمد هذا التقرير على تتبع ما يزيد على 50 مصدرًا مختلفًا معنيا بالشأن التركي لغاية جمع الأخبار والبحث والاستقصاء باللغتين العربية والتركية. تتنوع هذه المصادر ما بين جهات حكومية تركية وشخصيات سياسية تركية ووكالات أنباء ونشطاء وحقوقيين في منصات التواصل التركية والعربية. وعليه فقد تم توثيق عدد كبير من المعلومات الواردة عن هذه المصادر في الفترة الزمنية الممتدة من 1.3.2024 إلى 31.3.2024 ليتم إنشاء ما محصلته 100 قيدًا يختص كل قيدٍ منها بتوثيق حدثٍ أو خبرٍ معينٍ تم رصده عن أحد المصادر سابقة الذكر دون النظر إلى عامل التكرار فقد يكرَّس عدد من القيود لتوثيق نفس الحدث أو الخبر ولكن من مصادر مختلفة بغية التوثق من صحة ما يُنقل وزيادة المعلومات المتعلقة به.

بلغ عدد القيود التي تحمل اتجاهاً تعصبياً 55 قيدًا أي ما يعادل 55 % من إجمالي القيود، في حين بلغ عدد القيود التي صُنفت على أنها تحمل اتجاهاً ضد تعصبي 14 قيدًا أي يعادل 14% من إجمالي القيود، أما القيود ذات الاتجاه غير المحدد التي لم تُعرف خلفية اتجاهها لأسباب ستُذكر لاحقًا فقد بلغ عددها 31 قيدًا أي ما يعادل 31 % من إجمالي القيود.

لوحظ اختلاف طريقة التعاطي مع الأخبار والأحداث ذات الصلة مع اختلاف المصادر الناقلة لها لذلك قد يتناول عدد من القيود نفس الخبر أو الحدث ولكن تتنوع اتجاهات الحدث فيها، وبناءً عليه فقد تم تصنيف القيود على النحو الآتي:

  • 1- القيود ذات الاتجاه التعصبي: تم قياس هذا الاتجاه من خلال مدلولات المحتوى، إمّا خبرًا صريحًا كتبته أو مارسته أو أصدرته الجهة التي تم رصدها، وكان الخبر يحمل صراحةً معاني التحريض أو خطاب الكراهية أو الاستفزاز أو التضليل، وكل ما من شأنه أن يثير غضب الرأي العام التركي أو قد يدفع باتجاه اتّخاذ قرارات من شأنها إلحاق الضرر بالأجانب، أو تقديم وعودٍ ونية مبيتة لإلحاق الضرر بهم في المستقبل.
  • 2- القيود ذات الاتجاه ضد التعصبي: تم قياس هذا الاتجاه من خلال مدلولات المحتوى، إمّا خبرًا صريحًا كتبته أو مارسته أو أصدرته الجهة التي تم رصدها، وكان الخبر يفيد صراحةً الدعم أو التضامن أو بيان الحقائق مما شأنه الإسهام في التعايش والسلم الأهلي أو دفع الضرر عن الأجانب أو اتخاذ قرارات من شأنها دعم وتسهيل حياة اللاجئين والأجانب.
  • 3- القيود ذات الاتجاه غير المحدد: تم قياس هذا الاتجاه من خلال مدلولات المحتوى، إمّا خبرًا صريحًا كتبته أو مارسته أو أصدرته الجهة التي تم رصدها، وكان الخبر لا يحمل صراحةً معاني التعصب أو الدعم والتضامن، وذلك بسبب غياب الملابسات ذات الصلة أو غموضها. تم اعتماد هذا البند حرصًا على دراسة أكبر قدر من القيود التي تتعلق بالأجانب واللاجئين داخل المجتمع، وتجنب حدوث لبس وإدراج قيد على أنه تعصب دون التحقق والتأكد من الخلفية القائمة عليه، وانتظار قيد آخر إما في فترة الرصد أو في المستقبل يوضح تفاصيل الخبر، لإصدار حكم الاتجاه بشكل أكثر وضوحًا.

 

الملخص التنفيذي:

يقدم هذا التقرير تحليلًا شاملاً للأخبار المتعلقة بالظاهرة العنصرية والطائفية في تركيا خلال شهر شباط فبراير 2024. حيث تركز الأخبار المرصودة على استخدام الخطاب العنصري ضد اللاجئين والمهاجرين في الحملات الانتخابية، وانتشار خطاب الكراهية والتضييق على اللاجئين، بالإضافة إلى وقوع الحوادث والاعتداءات العنصرية والطائفية.

يظهر التقرير استخدام الأحزاب السياسية والمرشحين في الانتخابات المحلية للخطاب العنصري ضد اللاجئين كجزء من استراتيجيتهم الانتخابية. يتضمن ذلك تكرار ذكر اللاجئين السوريين في الحملات الانتخابية وتوظيف التحريض العنصري لأجندات سياسية خارجية. ويتناول الخطاب العنصري والكراهية والتحريض الذي يصدر عن بعض الشخصيات السياسية والمسؤولين في تركيا، حيث يتم تصاعد التمييز ضد اللاجئين واستغلال قضاياهم لأغراض سياسية. ويسلط الضوء على زيادة حالات العنصرية والتمييز في المجتمع التركي، مما يشكل تحديات وتداعيات سلبية على السلام الاجتماعي والتعايش السلمي بين الأفراد. ويناقش التقرير السياسات والتوجهات الحكومية في مواجهة العنصرية والتمييز، مع التركيز على انتهاكات حقوق الإنسان في مراكز الترحيل وزيادة في عمليات الترحيل القسري. ويلقي الضوء على قضايا اللاجئين في تركيا، بما في ذلك التحديات الإنسانية التي يواجهها اللاجئون السوريون ومطالب حقوق الأكراد في تركيا ومكافحة العنصرية ضد الأقليات. وأخيرًا، يشير التقرير إلى قضايا تمييز وعنصرية عامة تؤثر على اللاجئين والمجتمع التركي بشكل عام، مما يتطلب تدخلاً فوريًا للتصدي لهذه التحديات وضمان حقوق وكرامة الجميع في المجتمع التركي.

تُظهر النتائج أن ظاهرة العنصرية والتمييز ضد اللاجئين والمهاجرين في تركيا هي الأبرز وقد ازداد انتشارها على نطاق واسع وتم توظيفها من طرف الأحزاب السياسية والمرشحين للانتخابات المحلية في حملاتهم الانتخابية بحيث أضحى تناول قضايا اللاجئين وتقديم الوعود بإعادتهم الى أوطانهم أو التضييق عليهم أو حل قضيتهم جزءاً واضحاً من هذه الحملات.

 

النتائج وتحليل البيانات

أولاً: الانتخابات المحلية التركية والقضايا العنصرية

يشكل توظيف الخطاب العنصري ضد اللاجئين السوريين في الحملات الانتخابية في تركيا ظاهرة معقدة تستحق النظر، فهي تعكس الاستغلال السياسي لقضية إنسانية حساسة، وتكشف عن توجهات عنصرية قد تؤثر على السياسة الداخلية والاستقرار في البلاد. تلقي الأخبار التي رصدها هذا التقرير  الضوء على عدد من الجوانب المهمة لهذه الظاهرة، بدءًا من تكرار ذكر اللاجئين السوريين في الحملات الانتخابية، ومروراً بتصريحات المرشحين والأحزاب، وبتوظيف الخطاب العنصري ضد اللاجئين في الحملات الانتخابية، وانتهاءً بتوظيف التحريض العنصري من قبل أجندات سياسية داخلية وخارجية.

 

  1. تكرار ذكر اللاجئين السوريين في الحملات الانتخابية:

لا يمكن إنكار أن اللاجئين السوريين قد أصبحوا جزءًا مهمًا من الساحة السياسية في تركيا. كما أن تكرار ذكرهم في الحملات الانتخابية يعكس أهمية هذه القضية في نقاشات السياسة الداخلية. يبدو أن السياسيين يستغلون مخاوف الناخبين من اللاجئين لجذب الدعم الشعبي، ويركزون على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن يسببها وجود اللاجئين في البلاد. و يبدو من خلال هذا التركيز المفرط أن السياسيين يعتقدون أن مناقشة قضايا اللاجئين يمكن أن تحقق لهم مكاسب سياسية وانتخابية، مما يوحي بأن هذه القضية أصبحت محورية في الساحة السياسية.

يعتمد السياسيون على استغلال مخاوف الناس من اللاجئين، بهدف جذب الدعم الشعبي حيث ظهر عنوان صحفي يشير الى أن الانتخابات المحلية تتحول إلى استفتاء حيث تطغى قضية اللاجئين عليها. و صدر تصريح  لمرشح حزب السعادة لبلدية كوجا سينان رجب غونغور يدعو لورشة عمل في كايسيري لحل مشكلة اللاجئين ويطالب بتعاون واسع النطاق. وتصريح رئيس بلدية هاتاي برفضه للتدخلات الأجنبية وموقفه السلبي من قضايا الهجرة واللاجئين، وتصريح مرشح حزب النصر فرات غورسوي عن خطته للتغيير في يلدرم وتسليطه الضوء على قضية اللاجئين وجمعها  مع تحديات تعاطي المخدرات، الأمر الذي يعتبر مؤشرا على الحملات والتضليل ضد اللاجئين السوريين.

 

  1. تصريحات المرشحين والأحزاب:

تُظهر التصريحات العنصرية والتحريضية ضد اللاجئين السوريين في سياق الحملات الانتخابية توجهات سلبية نحو هذه الفئة من السكان. حيث يسعى المرشحون والأحزاب إلى تشويه صورة اللاجئين وتصويرهم بشكل سلبي. يُظهر هذا التوجه استخدام قضية اللاجئين كأداة لتحقيق مصالح سياسية ضيقة.

على سبيل المثال، أثارت تصريحات المرشح لرئاسة بلدية الفاتح عن حزب الشعب الجمهوري، ماهر بولات، جدلاً بعدما وصف التجار العرب بالمنطقة المحيطة بجامع الفاتح بـ”المحتلين” وتعهد بـ”تطهير” المنطقة من وجودهم في حال فوزه في الانتخابات، خلال لقاء تلفزيوني. بينما رأى البعض أن تصريحاته تعبر عن الحفاظ على الهوية التاريخية للمنطقة، اعتبر آخرون أنها تسهم في زيادة التوترات الاجتماعية وتحمل خطاباً عنصرياً. وعبرت الجالية العربية، التي تشكل جزءاً مهماً من الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الفاتح، عن قلقها من هذه التصريحات، مما يعكس توترًا متزايدًا وعداءً للوجود العربي في المجتمع التركي.

تعكس هذه التصريحات التوجهات العنصرية والتحريضية ضد اللاجئين السوريين، والتي تساهم في تشويه صورتهم وتصويرهم بشكل سلبي.

 

  1. توظيف الخطاب العنصري ضد اللاجئين في الحملات الانتخابية:

أصبح استخدام الخطاب العنصري ضد اللاجئين في الحملات الانتخابية في تركيا ظاهرة محورية تثير الجدل وتكشف عن الاستغلال السياسي لقضية إنسانية حساسة. هذه الظاهرة تعكس استخدام الهجرة كأداة لتحقيق أهداف سياسية ولجذب الانتباه، مما يثير مخاوف حول تأثيرها على التفاعلات الرسمية والشعبية والعنف الموجه ضد اللاجئين في تركيا.

بالنظر إلى الانتخابات المحلية في تركيا، يظهر أن القضية المتعلقة باللاجئين والتعميم بوصفهم بـ”غير الشرعيين” تسيطر على المشهد السياسي. كما يبدو أن الأحزاب تستخدم هذه القضية لجذب الانتباه وتوجيه الضوء نحو أجنداتها الخاصة.

من بين التصريحات التي أثارت الجدل، تلك التي أطلقها مرشحون وأحزاب سياسية محددة. على سبيل المثال، انتقد رئيس حزب العدالة والتنمية في أنقرة، هاكان هان أوزجان، بشدة تصريحات مرشح رئاسة بلدية ماماك عن حزب الشعب الجمهوري، فيلي غوندوز شاهين، بشأن أطفال التركمان العراقيين، ووصفها بالعنصرية. يؤكد هان أوزجان على أنه ليس من حق شاهين التفكير في ترحيل أطفال التركمان الذين يجب اعتبارهم جزءًا أصيلًا من البلاد. يعكس هذا السجال حضور الموضوع العنصري والخلافات السياسية حوله.

يسلط الخطاب العنصري والتحريضي ظلالًا سلبية على الانسجام الاجتماعي في تركيا، ويثير الانقسامات بين السكان المحليين واللاجئين. يعزز هذا التوتر من الصراعات الاجتماعية ويهدد التعايش السلمي في المجتمع.

 

  1. توظيف التحريض العنصري لأجندات خارجية:

لا يقتصر توظيف التحريض العنصري على النقاش السياسي الداخلي، بل يظهر أيضًا تأثيره في الساحة السياسية الدولية من خلال أجندات سياسية داخلية وخارجية. وتشير تقارير إلى كشف أجهزة المخابرات التركية لشبكة تجسس فرنسية كانت لها بجهودها في زرع الفتنة والانقسامات داخل المجتمع التركي، وذلك لأهداف سياسية خارجية وكجزء من الصراع السياسي الظاهر بين الدولتين.

فقد تمكنت وكالة المخابرات التركية (MİT) من كشف نشاطات جاسوسية تديرها مجموعة من الأفراد في تركيا، بينهم أحمد قطيع الذي قدم طلب لجوء إلى فرنسا بادعاء نشاطه كناشط. تبين لاحقًا أنه يعمل بالفعل لصالح المخابرات الفرنسية، حيث قام بتزوير معلومات وثائقية حول اللاجئين السوريين في تركيا. كما كان لديه اتصالات مع جاسوسين فرنسيين آخرين. كشفت التحقيقات وجود تبادلات إلكترونية بين قطيع والمخابرات الفرنسية، حيث حاولوا زعزعة استقرار تركيا من خلال نشر معلومات كاذبة حول اللاجئين وسياسات الهجرة.‎

 

  1. الجدل حول دور اللاجئين الأفغان في الزراعة:

تعاني تركيا من نقص في اليد العاملة في القطاع الزراعي، وتعتبر الأسر الأفغانية جزءًا مهمًا من هذا القطاع. فالعديد منهم يعملون في حقول الزراعة والحفريات ومناطق الإنتاج الزراعي، ما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتلبية احتياجات السوق المحلية. ومن الواضح أن هناك توجهًا لاستخدام قضية اللاجئين الأفغان في الحملة الانتخابية بهدف تحقيق مكاسب سياسية، وهو ما يثير تساؤلات حول استخدام التحريض العنصري وتضليل الجمهور من قبل بعض الأطراف السياسية.

فقد نشب جدل بين مرشحين خلال جولة انتخابية في إسكي شهير وهما أوغوز بيكي من حزب النصر ووهيت كارا من حزب العدالة والتنمية، حول قضية اللاجئين الأفغان. وأثناء الحوار، سأل بيكي كارا عن سبب عدم إعادة اللاجئين الأفغان من قبل الحكومة، فأجابت كارا بأن رحيل الأفغان سيؤدي إلى انخفاض في إنتاجية الزراعة في تركيا. يعود هذا الحوار إلى تصريحات سابقة لوزير الداخلية سليمان صويلو حول دور الأفغان في القطاع الزراعي التركي.

 

ثانياً: الخطاب العنصري والكراهية والتحريض

تشهد تركيا، كغيرها من الدول المضيفة للمهاجرين واللاجئين، تحديات كبيرة في التعامل مع ظاهرة اللجوء الإنسانية والسياسية في آن واحد. منذ بداية الأزمة السورية، استقبلت تركيا ملايين اللاجئين السوريين، وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير على الساحة السياسية والاجتماعية في البلاد. ومع تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بوجود اللاجئين، تجلى خطاب الكراهية والتضييق على اللاجئين كوسيلة للتعبير عن الغضب والاستياء، ما أثار مخاوف من تفاقم التمييز والانقسامات في المجتمع التركي. وكان من أبرز أشكال الخطاب العنصري ما يأتي:

 

  1. التراشق بالاتهامات بخصوص اللاجئين:

تتصاعد حدة التوترات في الساحة السياسية التركية مع تزايد الاتهامات المتبادلة بين بعض المسؤولين والسياسيين. تشمل الاتهامات توظيف المهاجرين وتأخير دفع تعويضات الموظفين، ومنح الحماية للمهاجرين الأفغان غير الشرعيين، وتقديم المؤسسات الأجنبية الدعم للطلاب الأجانب. تعكس هذه الاتهامات التوترات السياسية والاجتماعية المرتبطة بقضية الهجرة واللاجئين في تركيا، وتُبرز الصراعات الداخلية بين الفئات المختلفة في المجتمع.

وتصاعدت الاتهامات أيضًا ضد رئيس بلدية بولو بتوظيف المهاجرين وتأخير دفع تعويضات الموظفين، مما يسلط الضوء على استخدام خطاب الكراهية والتضييق على اللاجئين في الساحة السياسية التركية. يعكس هذا الاتهام محاولة بعض الفرقاء السياسيين استغلال قضية اللاجئين لتحقيق أهدافهم السياسية من خلال إثارة الغضب والاستياء بين الجمهور. وتُظهر الاتهامات بتوظيف المهاجرين في شركات المقاولات محاولة لتضييق الخناق على اللاجئين واستغلالهم لأهداف سياسية.

تكشف هذه الأحداث عن نمط متكرر من التراشق بالاتهامات في الساحة السياسية التركية، حيث يتبادل الأحزاب والمسؤولون الاتهامات بشكل متبادل، مما يعكس التوترات السياسية المتصاعدة في البلاد. كما يثير تأخير دفع تعويضات الموظفين استياءً وتساؤلات بين الجهات المعنية، مما يسلط الضوء على الصراعات الداخلية والتوترات الاجتماعية.

 

  1. إثارة المخاوف والتحذيرات: تصاعد خطاب الكراهية ضد اللاجئين في تركيا

يظهر رفض الرئيس التركي استخدام قضية اللاجئين في الحملة الانتخابية، مما يعكس موقفًا مباشرًا ضد خطاب الكراهية ومحاولات استغلال اللاجئين لأغراض سياسية. تُبرز هذه الأخبار الصراعات السياسية والاجتماعية في تركيا، وتشير إلى الجدل المستمر حول قضية الهجرة واللاجئين، حيث يتم استغلالها لتحقيق مكاسب سياسية وتحريض الجماهير.

تكشف التقارير الإعلامية عن تصوير سلبي للسوريين في وسائل الإعلام التركية، مما يعكس مشكلة في التمثيل الإعلامي للمهاجرين واللاجئين. بالإضافة إلى ذلك، يسلط النداء العاجل الذي أطلقته جمعية حقوق اللاجئين الضوء على تفاقم الوضع الإنساني للسوريين في تركيا.

تشمل التحديات الإنسانية التي يواجهها اللاجئون السوريون في تركيا سعيَهم للهجرة غير الشرعية نحو أوروبا نتيجةً لتفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي. يتطلب هذا التحدي اتخاذ إجراءات فورية لحماية حقوقهم وتحسين الظروف الحياتية في المخيمات والمجتمعات التي يعيشون فيها.

إلى جانب ذلك تشير التصريحات المثيرة للجدل والتوترات الاجتماعية، وتأثير مشاريع الأمم المتحدة، إلى تفاقم المشكلات التي يواجهها اللاجئون السوريون في تركيا. وتعكس التدخلات من جمعيات حقوق الإنسان والنشطاء السعي إلى إيجاد حلول شاملة ومستدامة لهذه التحديات المعقدة.

في ظل الأوضاع الراهنة، تتنوع التصريحات والتحذيرات الموجهة ضد اللاجئين في تركيا، حيث يتم التركيز بشكل متزايد على خطورة تدفق اللاجئين الأفغان غير الشرعيين وتأثيرهم على الأمن والاقتصاد. يسعى هذا النوع من التحذيرات إلى تحفيز المخاوف والانتقادات ضد اللاجئين، ويعكس النمط المتزايد لاستخدام خطاب الكراهية لتعزيز الانقسامات والتوترات في المجتمع التركي. كما يثير قرار هيئة الهجرة التركية لمنح الحماية للاجئين الأفغان الذين دخلوا بشكل غير قانوني استياء بعض الجهات المعارضة، مما يطال اللاجئين الأفغان.

 

  1. تصاعد خطاب الكراهية وتأثيره على المجتمع التركي: استغلال قضية اللاجئين لأغراض سياسية

يشهد المشهد السياسي والاجتماعي في تركيا تصاعدًا في خطاب الكراهية الموجه ضد اللاجئين. تتباين التصريحات والتحركات، وتعكس تفاقم التوترات والصراعات الاجتماعية. في هذا السياق، تعكس اتهامات لرئيس بلدية بولو بتوظيف المهاجرين وتأخير دفع تعويضات الموظفين شيوع خطاب الكراهية لتشويه صورة اللاجئين وتحميلهم المسؤولية عن مشاكل المجتمع. بالمثل، يظهر استياء نائبة رئيس حزب النصر من منح مؤسسة ديانت للطلاب الأجانب استخدام خطاب الكراهية لتثير الشكوك حول اللاجئين ودورهم في المجتمع. وتستنكر تصريحات مدير صحيفة العصر الجديد فاتح أرغون وصف الأتراك بالعنصريين، مما يُظهر استنكاره لاستخدام خطاب الكراهية. تعكس هذه الأمثلة استخدام خطاب الكراهية لتعزيز الانقسامات وزيادة التوترات في المجتمع التركي.

 

ثالثاً: تزايد حالات العنصرية والتمييز في المجتمع التركي: تحديات وتداعيات

في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تمر بها تركيا، تشكل الحالات العنصرية المتزايدة والظروف الصعبة التي يتعرض لها العمال اللاجئون، والضغوط على الهويات الثقافية واللغوية في تركيا مظاهر لتزايد حوادث العنصرية والكراهية التي تصل لدرجة العنف أحيانا.

فوقوع حادثتي الاعتداء العنصري على الشاب السوري في غازي عنتاب والطفل المصري في إسطنبول، يأتي في سياق حالات العنصرية والتمييز والعنف  المتصاعدة في المجتمع التركي. تكشف هذه الحوادث عن تفاقم التوترات العرقية والعنصرية في ظل أزمة اللاجئين والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها البلد. كما تعزز الردود العنصرية على تجول المواطنين الأجانب بحقائبهم في بورصة هذه الظاهرة الخطيرة التي تُظهر استفحال التوترات العرقية والعنصرية.

إن الاعتداء العنصري على الشاب السوري في غازي عنتاب والاعتداء على الطفل المصري في إسطنبول يعكسان مدى وجود حالات عنصرية وتمييز في المجتمع التركي. أما وفاة العامل السوري في مصنع التعبئة والتغليف في قيصري فتجسد الظروف الصعبة التي يتعرض لها العمال اللاجئون في تركيا. تُسلط هذه الحادثة الضوء على الاستغلال والظروف غير الإنسانية التي يتعرض لها اللاجئون في سوق العمل التركي. كما تعزز تغريدة لكاتب صحفي التوعية حول وفيات العمال المهاجرين واللاجئين في مجال العمل، مما يُبرز الحاجة الماسة لتحسين ظروف العمل وضمان سلامتهم.

كما تشير الأخبار الى تصاعد الضغوط على الهويات الثقافية واللغوية في تركيا كحادثة منع عرض لافتات باللغة الكردية في مدينة فان والاحتجاجات التي تلت ذلك لتعكس التحديات المتزايدة التي تواجه الهويات الثقافية واللغوية في تركيا. يُعتبر هذا مثالا على زيادة الضغوط على الأقليات الثقافية في البلاد.

تضاف هذه الأحداث إلى سلسلة من الحوادث التي تُظهر الضغوط المتزايدة على الهويات الثقافية واللغوية في تركيا.

 

رابعاً: السياسات والتوجهات الحكومية

تواجه تركيا، كغيرها من الدول المضيفة للمهاجرين واللاجئين، تحديات كبيرة في التعامل مع تدفق اللاجئين وإدارة أوضاعهم. ويبدو أن هذه التحديات لا تقتصر على الجوانب الإنسانية والاقتصادية فقط، بل تتجاوز ذلك إلى تعامل الأجهزة الحكومية مع اللاجئين بطريقة تنتهك حقوقهم الأساسية وتعزلهم عن المجتمع المضيف.

من بين القضايا الرئيسية التي تظهر في هذا السياق انتهاكات حقوق الإنسان في مراكز الترحيل، حيث توثق التقارير والبيانات الحقوقية تجاوزات في معاملة الأفراد الأجانب واللاجئين. يشمل ذلك الاختفاء القسري، وعدم الالتزام بالقوانين، والتوقيع القسري على طلبات “العودة الطوعية”، وتجاوز القرارات القضائية، والتعسف في التعامل معهم. بالإضافة إلى ذلك، تشير بيانات حقوق الإنسان إلى الاتجاه للتشدد في سياسات الحكومة التركية تجاه اللاجئين، مما يؤدي إلى تفاقم انتهاكات حقوق اللاجئين والأجانب.

بالنظر إلى التوثيق الدقيق والمتكرر للبيانات والتقارير من مؤسسات حقوق الإنسان ونقابات المحامين، يمكن القول إن هناك مشاكل جدية في المعاملة والسياسات الحكومية تجاه اللاجئين والأجانب. تسلط تقارير وزارة الداخلية التي تشير إلى عودة أعداد كبيرة من اللاجئين إلى بلادهم الضوءَ على الجدل والتوتر في المجتمع التركي حول هذه القضية.

 

خامساً: العنصرية وحقوق الأقليات في المجتمع التركي

لا تقتصر التحديات التي يواجهها المجتمع التركي على قضايا فحسب، بل تتعداها لتشمل مسائل مثل مطالب حقوق الأقليات. تشهد تركيا حالياً جدلاً متصاعداً حول مكافحة العنصرية ضد الأقليات، خاصة فيما يتعلق بحقوق الأكراد. تظهر الأخبار التوترات والمطالبات التي تشير إلى عدم تمثيل واحترام حقوق الأكراد في تركيا. يشير ذلك إلى الصراع العنصري والدعوات للمساواة والعدالة. تستند هذه المطالب إلى وجود توترات واحتجاجات في البرلمان التركي بسبب استخدام اللغة الكردية وإيقاف الميكروفون للمتحدثة من حزب الديمقراطي الكردي، مما يشير إلى قمع اللغة والهوية الكردية وانتهاكات حقوق الأقليات.

وقد دعا رئيس حزب المساواة والديمقراطية إلى حل ديمقراطي عاجل لقضية الأكراد، مؤكداً على وجود صراع سياسي وثقافي يتعلق بحقوق الأقليات ومكافحة العنصرية. وفي سياق متصل، أظهرت التوترات في البرلمان التركي احتجاجا على استخدام اللغة الكردية في الخطاب لأحد النواب الأكراد، حيث تم إيقاف الميكروفون للمتحدثة من حزب الديمقراطي الكردي، مما يشير إلى انتهاك حقوق الأقليات. تعكس هذه التطورات الصراع العنصري والدعوات للمساواة والعدالة في تركيا، مما يجعل مكافحة العنصرية ضد الأقليات أمراً ملحاً وضرورياً لضمان التعايش السلمي واحترام حقوق الإنسان للجميع. علاوة على ذلك، فإن اتجاه الهاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل #kürtçe “اللغة الكردية” يشير إلى التصدر كاتجاه والحصول على تفاعل كبير، مما يدل على الوعي المتزايد بقضايا الأكراد وحقوق الأقليات في تركيا.

 

سادساً: قضايا تمييز وعنصرية عامة

في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية المستمرة في تركيا، تتنوع القضايا العنصرية بين الحملات الموجهة ضد الطلاب الأجانب، والتمييز ضد المرأة المسلمة في سوق العمل. سنستكشف في هذا التقرير تلك القضايا المعقدة والحساسة ونحاول فهم السياقات والأسباب التي تقف وراءها، مع التركيز على الجوانب التي تحتاج إلى اهتمام وتدخل فوري لضمان حقوق وكرامة الجميع في المجتمع التركي.

تشهد تركيا جدلاً متزايدًا حول سياسة الحكومة في فتح الأبواب لدراسة الأجانب في البلاد، حيث تثار شائعات حول تفضيل الحكومة للطلاب الأجانب على حساب الطلاب المحليين. يعاني الطلاب الأجانب في تركيا من التمييز والعنصرية في التعليم، مما يؤثر سلباً على تجربتهم الأكاديمية والثقافية.

من ناحية أخرى، فرغم قرار رفع حظر عن الحجاب في الوظائف الحكومية في تركيا، إلا أن التمييز ضد المرأة المسلمة بسبب الحجاب في سوق العمل ما زال مستمرًا مما يحد من فرص المرأة المحجبة في الحصول على فرص عمل متساوية.

 

الخلاصة

تشهد تركيا، مثل العديد من الدول حول العالم، تحديات كبيرة في مواجهة أزمة اللاجئين، والتي أدت إلى تزايد استخدام الخطاب العنصري وانتشار خطاب الكراهية ضد اللاجئين. تتنوع هذه التحديات من وقوع حوادث واعتداءات عنصرية ضد اللاجئين والمهاجرين، إلى انتهاكات في معاملتهم في مراكز الترحيل، مما يعكس تدهور الحالة الإنسانية للمتضررين.

تركيا تواجه تحديات كبيرة في مواجهة أزمة اللاجئين، وتلاحظ زيادة في استخدام الخطاب العنصري وانتشار خطاب الكراهية ضد اللاجئين، وكذلك في الحوادث والإجراءات المدفوعة بالعنصرية مثل الحوادث والاعتداءات ضد اللاجئين والمهاجرين والانتهاكات في معاملتهم في مراكز الترحيل.

تسلط انتخابات تركيا المحلية الضوء على القضايا العنصرية المستمرة وتكشف عن الاستغلال السياسي للقضايا الإنسانية الحساسة، خاصة فيما يتعلق باللاجئين السوريين. يتضح أن السياسيين يعتمدون على توجيه الانتباه إلى قضايا الهجرة واللاجئين بهدف تحقيق مكاسب سياسية، مما يزيد من التوترات الاجتماعية ويهدد الاستقرار.

كما تظهر الحالة العنصرية في تركيا تحديات متزايدة تتمثل في تصاعد حالات العنصرية والتمييز في المجتمع، والضغوط على الهويات الثقافية واللغوية، وتصاعد التمييز ضد الأقليات في المجتمع التركي، بما في ذلك الأكراد والمرأة المسلمة في العمل، الأمر الذي يشكل تحدياً إضافياً لتحقيق التضامن والتعايش السلمي. هذا بالإضافة إلى الصورة الإعلامية السلبية للاجئين السوريين في وسائل الإعلام التركية.

لتحميل التقرير كاملاً يرجى الضغط على الرابط أدناه:

تقرير الحالة الطائفية والعنصرية في الجمهورية التركية لشهر شباط فبراير 2024

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on print